
حوار | عبدالرحمن الغابري.. متحف صور!
سين12
5 يوليو 2022

“عدسة اليمن” و “أرشيف وذاكرة اليمن” وغيرها من الأوصاف التي أُطلقت على المصور عبدالرحمن الغابري الذي وثق بعدسته نحو مليوني صورة متنوعة تمثل تاريخًا مرئيًا لأكثر من نصف قرن.
الغابري بدأ دراسته في ريف محافظة ذمار شمالي اليمن، ثم التحق بدار الأيتام في صنعاء، وأكمل دراسته الثانوية.
بدأ عمله المهني في جمع الحروف الرصاصية وكرن في قسم تصوير قبل أن يدخل عالم التصوير وهو بسن 14 عاما لتنشأ بعد ذلك بينه وبين الكاميرا علاقة شغف لا متناهية.
القراءة والمطالعة من أجل اكتساب الثقافة والمعرفة في مجال التصوير كانت بمثابة مدرسة الغابري الأولى.
الصورة بالنسبة له “الحقيقة الثابتة” والكاميرا “أصدق من الكلام” والطبيعة تأشيرة عبور نحو حلمه.
حاورته: خولة المخلافي
* حدثنا عن حياتك الشخصية والعلمية؟
كنت من طفولتي متمرد ومحب للجمال فبيئتي بيئة خصبة بالجمال ترعرعت في القرية محبًا للعلم والمعرفة وأقرا كثيرًا. والدي كان قاضيًا وأحد إخواني كان يذهب إلى مدينة تعز ويمولنا بالمجلات قبل الثورة وبعدها. فعشت بين الكتب والطبيعة وكنت اقرأ وأرافق النساء المُحطّبات وفي الحقل.
أمي تعتبر رمز من رموز البلاد كانت تملك حسًا جميلًا ولديها الحكم فكانت ملهمه لي.
التحقت بالفنون والإعلام وكنت خلال تلك الفترة أوصف الطبيعة بوصف غير عادي برغم كوني طفلًا.
دراستي كانت عاديه؛ منهجنا كان محترم ليس كما هو الآن ملغم ويستهدف الأجيال ومثلما كان سابقا. درست في صنعاء عام 1964 بعد وفاة والدي بأربعة أعوام. دخلت مدرسة الأيتام وبعدها دخلت الإعدادية وبعدها توظفت كمدني مهني بمجالات الطباعة في جمع الحروف الرصاصية وكرن في قسم تصوير.
في تلك الفترة كنت أقتني الكتب وكان هناك مكتبه جميلة وأقرأ فيها عن السينما والمسرح اليوناني والألماني والإنكليزي وعن شكسبير وغيرهم واشتغلت في هذا الجانب وثقفت نفسي، لم يكن هناك من يوجهني من تلقاء نفسي أحب الكتب والتصوير والموسيقي.
* ما هي قصتك مع الموسيقى؟
أحب الموسيقي وتخصصت بها كنت عازف ومغني في مرحله من حياتي. وكنت أُغني في البلاد بدون (آلة) العود. أحب أغاني الرعاة والفلاحين هذه كلها ترسخت بداخلي حتى الأناشيد الدينية والموالد كنت أُجيدها. فمنذ صِغري كنت مؤذن وكانوا يستحسنون صوتي لم يكن في الماضي يقولوا هذا طفل وغيره. أتذكر أنني كنت أتوق إلى أنغام الطبيعة وحفيف الأشجار وسقوط المطر ..
*ماذا يعني لك التصوير؟ وكيف تصف علاقتك به؟
الكاميرا بالنسبة لي أصدق من الكلام فعلاقتي بالتصوير أجسد الحياة بها.
*متى بدأت رحلتك مع التصوير؟
بدأت بالتصوير حقيقيا في عمر 13 أو 14 عامًا دخلت دارك روم وأنا بهذا العمر فاشتغلت في مجال التحميض والطباعة بالتوجيه المعنوي.
* حدثنا عن مشاركاتك الخارجية؟ ما هي الجوائز التي حصلت عليها؟
حصلت على جوائز دوليه ومحليه ومن مؤسسات كثيرة وهي تعتبر تكريمات.
*ما هي الصورة التي لديك قصة معها؟
في صباح رمضاني عام 1973م بعد عودتي من دمشق كنت أخرج حين ينام الناس فرحا بكاميرا زينت التي اقتنيتها حينها، كنت استمتع بالخروج والشوارع فارغة.
فوجدت في شارع علي عبد المغني (وسط صنعاء) هذان الزوجان اليمنيان أو ربما أب وابنته لم أسال.
اهتز كياني أثناء اللقطة فهرعت مباشرة لتسخين مواد التحميض لأن درجة الحرارة كانت منخفضة وفورًا قمت بتحميض الفيلم وفي داخلي شوق لا يوصف لرؤية النتيجة، تنفست الصعداء عندما رفعت الفيلم مقابل المصباح الأحمر الخافت، ﺧﻠﻄﺖ دواء جديد للتثبيت وأذبته بسرعة هائلة، لمدة نصف ساعة وضعت الفيلم فيه، أثناها خرجت لساحة مبنى التوجيه المعنوي أمضغ سيجارة ناسيًا أنه رمضان، لم يلاحظني أحد فلا يوجد أحد سواي والفيلم والسكون.
صنعت قهوة على {الشولة} الكهربائية علّقت الفيلم كي يجف على شجرة الجوز الشامخة في ساقية الغيل الأسود الذي كان يأتي من جبل اللوز مرورًا بمنطقة الصافية والتحرير ويصب في أرحب، أخذت الفيلم وقمت بطبع هذه الصورة وحدها من مجمل ما صورت، كبّرتها بحجم a4 نشفتها ووضعتها فوق عيوني ونمت.
مكان الصورة في موقع البنك المركزي حاليًا بجانب فندق الزهراء الشهير حينها، أمام نادي الخريجين المسيج بشبك ناعم فقط.
*ما هي نوع الكاميرا التي كنت تستخدمها؟
كان لدي كاميرا تبع الحكومة خاصه بالعمل اسمها رولفليكس وأول كاميرا اشتريتها زينيت روسية وبعدها أخذت رولي ألمانية الصنع وبعدها كاميرا كانون اف 1 التي تأتي 36 صورة وإحداهن التقطت من خلالها صورة لي أمام المرآه والتي اعتبرها أول سيلفي.
*ما هي الصورة الأحب إلى قلبك؟ وماذا تعني لك؟
أنا وأمي الصورة كانت في عام 1997م.
هذه الصورة هي الأقرب لي فأمي هي من ارسلتني لكي أدرس في صنعاء. بعد أن شعرت أن مشاكل تُبيّت لي حسدا لأنني أذود عن بساتيني وحقولي كوني أكبر إخواني الأيتام في القرية؛ لقد تحوّل من كان لهم غيضا على أبي المتوفي إليّ أنا.
*هل ما زلت تمارس التصوير وأنت في هذا السن؟
نعم.. فأنا إنسان أحب الجمال وأحب أن يراه الجميع لذلك التصوير هو من يجعلني اوثق هذه اللحظة لأجعلها في الذاكرة.
* كم عدد الصور التي التقطها حتى الآن؟
عندي 32 صندوق بوزتيف ونيجتيف والأسود والأبيض تُشكّل مرحلة مهمة أيضًا اعتقد تتجاوز مئات الآلاف ليس محدد وقالوا مليونين.
* ما هي أبرز الصور التي تحتفظ بها ذاكرتك ولم تنشر بعد؟
الكثير في صور لسياسيين وصور شخصيات وهي كثيره وصور مهمه لأماكن وشخصيات ونساء وأطفال ومن ضمنها صورة أمي في الحقل وصوري أيضًا وصور لنساء في مناطق كثيرة في اليمن صور عزيزة عليَّ. من الصعب القول ابنك هذا أفضل من الآخر هل يمتاز أحد عن الآخر فكلهن محبوبات لديّ فالآن لم أحصي أفلامي سوى 5% ويمكن أقل من مجموع الصور التي لديّ.

*كيف ترى التصوير خلال الحقبة السابقة ويومنا هذا؟ هل لمست أي تغيير من خلال معايشتك للواقع؟
التصوير سابقًا كان محدود جدا والمصورين محدودين ومصوري الاستوديو موجودين من بعد الثورة أما كتصوير ميداني لا يوجد إلا قليل مثل أحمد عمر العبسي الذي جاء من عدن ونقلها إلى تعز وكانت معظمها استوديوهات والتصوير سابق يعتمد على حس المصور ذاته. كانت (تلك الحقبة) صعبه جدًا؛ أنت تشتري فيلم وتذهب لتصوره وبعدها تحمضه وغيرها. لذا كان مكلف ماديًا وتقنيًا أما الآن كل شيء متوفر من الهواتف والتقنيات الحديثة التي تساعد على التصوير..
* مئات المصورين ظهروا في العقد الأخير باليمن… كيف ترى هذه الطفرة؟
شيء جميل أن نرى هذا الكم الهائل من المصورين لكن من بين المئات يكون هناك واحد أو اثنين مثلما قلت سابقًا الصورة هي المستقبل القاضي والمحامي وضابط الشرطة والأمن. الصورة هي البرهان هي الحقيقة الثابتة لأي قضية الصورة هي انت، هي روحك..
*بالعودة إلى السنوات الماضية.. هل كان عدد المصورين بهذا القدر اليوم؟ ولماذا؟
لا يمكن القول عن الفنان مصور إلا عندما نرى عمله. فالتكنولوجيا الحديثة أوجدت هذا الكم الهائل من المصورين.
* رسالة مفتوحة تحب أن توجهها في نهاية هذا الحوار؟
ناضلوا من أجل أن تصوروا كل شيء جميل. أنا تحدثت في تيدكس دونو مفاتن بلادكم بعشق أنت تحب هذا المجال معناه أنت تحب البلاد هذا الوطن استديو متكامل. أنا أرجوا من السلطات أن تترك المصورين يصوروا بلادهم. أنا لا أؤمن بتصوير قتل أنا اعتقد المصور الحقيقي هو من يصور الجمال بالبلد.